زيارة المحدث الشيخ ناجي العربي واجازته لطلبة الزاوية الصديقية في تونس في ثلاثيات البخاري

كلمة المحدث الشيخ ناجي العربي

بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا وسندنا مولانا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

كانوا يذكرون أن بعض مجالس السماع يحضر فيها 36000 قلم. يعني: هؤلاء الناس — هذا العدد — هم الذين يكتبون، غير من يأتي متبركًا، غير من يأتي حافظًا، لا، ربما لا يكتب. هذه المجالس التي جاء وقت طويل على أهل العلم انشغلوا عنها، وتقاعسوا عنها، ولم يقم بها من كان أهلًا للقيام بها، ربما لظروف لا نستطيع أن نحكم على أولئك السادة، الذين هم ساداتنا في الدين، والذين نحن توصلنا إلى مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم من طريقهم. لكن المهم أن الله أعاد هذه السنة وأحياها على أيدي أمثال هؤلاء السادة: سيدي الشيخ وليد، وسيدي الشيخ أحمد، وأمثالهم ممن جمع الله لهم السماع مع العلم وحقيقته وتحقيقه، وأخذه عن أهله.
وقد منَّ الله تعالى علينا جميعًا أن نكون من أهل هذه المجالس. لا يهم في الخير أين تكون. كن ذيلًا في الخير فإنك مع أهل الخير. وقد قال الحبيب صلى الله عليه وسلم: «هم القوم لا يشقى بهم جليسهم». فكثروا هذه المجالس، وعودوا أبناءكم، وعودوا أنفسكم، ولنجتهد جميعًا في حفظ السنة الشريفة، وفي العناية بالإسناد، وفي الاهتمام بالعلم.

وكنا — بعدما خرجنا من تلك الروضة التي هي من رياض الجنة — في الطريق، كنا نبدي (سيدي الشيخ أحمد والفقير) إعجابنا الشديد الكبير بما رأينا في المدرسة، في دار المصطفى. ذاك الذي رأيناه من الخير، من الاهتمام بالعلم، من المحبة النبوية، من الفرح برسول الله صلى الله عليه وسلم، والتعلق بجنابه الشريف. كنا نفتخر أننا وفقنا لمثل ذاك المجلس. وكنا نبدي لفضيلة أخينا سيدي الشيخ وليد إعجابنا بالجميع: إعجابنا بالطلبة، إعجابنا بالطالبات، إعجابنا بالإخوة المشايخ الفضلاء القائمين. وهذا كله يذكرنا بمجد الزيتونة، لا نقول سيعود، وإنما نقول: عاد بفضل الله سبحانه وتعالى.

الشاهد أن هذا المجلس المبارك الذي استمعنا فيه إلى ثلاث الإمام العظيم، جبل الحفظ، وإمام أهل الحديث، وأمير المؤمنين سيدنا الإمام البخاري رضي الله عنه، نُجِيزُكم بصحيح الإمام البخاري، وبكتب السنة، وبكل ما صح للفقير. وقد أرسلت إلى سيدي الشيخ وليد مجموعة من الإجازات، البعض منها يشترك الفقير مع سيدي أحمد في نفس الأسانيد، والبعض منها ينفرد سيدي الشيخ بشيء عني، وربما يكون للفقير من ذلك شيء. ونشترك مع شيخنا وحبيبنا أخينا الشيخ وليد في الأخذ عن بعض ساداتنا علماء تونس، ونشترك جميعًا في ساداتنا أبناء الصديق والعلم، هكذا رَحِمٌ بين أهله.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم من أهل الحديث، فيهم ومعهم، وأن يجعلنا تحت كنف مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة. والحمد لله رب العالمين.

كلمة الشيخ وليد بن فرج عطية:


الله يجازيكم عنا خيرًا إن شاء الله، الله يبارك لنا فيكم. الحمد لله على نعم الله الذي مَنَّ، وجعل الأنوار متصلة بالسماء اليوم. هذه أنوار هَلَّ هِلالُها، ليبعد الله الظلمة عن هذه البلاد، ويبعد ما كان من مجلس يُقرأ فيه حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إلا يقول سيدنا مولانا سيدي محمد الشاذلي النيفر: سمعت شيخنا سيدنا مولانا محمد الصادق النيفر قال: سمعت شيخنا سيدنا مولانا محمد الطيب النيفر قال: سمعت سيدي ومولاي إبراهيم الرياحي ينشد بلسانه:

أهل الحديث طويلة أعمارهم **** ووجوههم بدعاء النبي منظرة
وسمعت من بعض المشايخ: أن **** أرزاقهم أيضًا به مكثرة.

قال: هكذا سمعناها من لفظه إلى لفظه إلى لفظ سيدنا مولانا سيدي إبراهيم الرياحي رضي الله عنه. ونحن اليوم في كثرة البركة، وكثرة الخير، وكثرة المدد، وكثرة المحبة العظمى، هذه التي توصلنا إلى ماذا؟ إلى المحبوب الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم. فالحمد لله على منِّه وعطائه أن أعادنا — كما قال شيخنا الشيخ محمد الحبيب بالخوجة — كنا نقرأ عليه في درس التفسير، يقول رضي الله عنه وكان يدعو لنا بخير: «رفع الله بكم قواعد جامع الزيتونة».

انظروا لفظه كيف! قال: «رفع الله بكم قواعد جامع الزيتونة». يقول: جامع الزيتونة ليس حيطانًا، ولدي، جامع الزيتونة منهج، وهذا المنهج يمكن أن يكون في ريف من الأرياف لا نعرفه. ليس العبرة في ماذا؟ في الصورة، العبرة في العلم وتحقيقه، العبرة فيمن أخذ بإسناد إلى الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم. الرابطة هذه: القلب بالقلب الشريف صلى الله عليه وسلم. القلب بالقلب الشريف، إذا اتصل القلب بالقلب الشريف انتهى الأمر. ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ. فهو يؤتيه هذه من بابه سبحانه وتعالى. «إنما أنا قاسم، والله هو المعطي» سبحانه وتعالى. فالله يعطينا وإياكم. آمين.

صور الزيارة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى